الاحتفال بالخسارة – كيف؟!
الكاتب / إبراهيم أحمد آل الفقهاء
عجبا لمفجوع يبتهج!
إنه الوداع ورحيل الفراق المؤلم.
لا ليس الموت فمراسم التشييع لا مجال فيها للفرح، إنه أدهى وأمر. إنه الاحتفال برحيل عام مفجوع وقدوم آخر لا نعلم ماهيته.
كيف لا؟
والخارطة الإسلامية قد لوحت بيدها لعامها الهجري المنصرم وهي محتارة فيما تختار من أحداثه اسما يميزه عن غيره وقد تزاحمت فيه الاحداث.
احتارت تلك الأنامل فيما تكتبه عن تفاصيل ليلة الوداع الأخيرة ماذا بقي في الذاكرة أو ماذا تستوعب الذاكرة وربما ماذا تستطيع التغافل عنه هذه الذاكرة المتعبة؟
وما لميت من إحساس وليكن ألم حسرة الوداع عصيا على التعبير فماذا عن ذلك الراحل المتواري عن المشهد المحمل بكل غصات العام المنصرم الذي اقتطع جزء من العمر الذي لا يمكن تعويضه.
هل يستطيع أحدنا محاكمة وقتنا الذي ذهب من غير رجعة وخسارته لا يمكن تعويضها مهما كانت مكاسبنا القادمة. لماذا؟
لأننا سنخجل عندما يكتب التاريخ مكاسبنا ويدونها بمداد الافتخار معزيا لنا خروجنا من نفق ضياع عامنا الماضي ويقول لنا ألستم من سكن أيام ذاك المنصرم الذي أبكى رحيله عيون العقلاء وأدمى قلوب الغيورين ولكنه بكل أسف لم يحرك ضمائر ساكنيه (لقد اسمعت لو ناديت حيا) أعتقد الحياة استحالت في هذا الوضع وهذا مبعث الخجل رغم المكاسب إن تهيأت.
أليس هذا هو الجنون احتفالية بالخسارة وضياع جزء من مقدرات رصيد العمر الذي لا يمكن سد عجزه بأي خطط وتخر أمامه كل قوى استراتيجيات التخطيط عن جدولة دينه ناهيك عن سداده.
لا أعلم حقيقة ماهي دواعي بهجة المفجوع؟
أهي بلاهة أم تبلد حس أم نضوب فكر لا سيما الغارق في الماديات العاجز عن النهوض بالذات المنهزمة أخلاقيا وفكريا؟
أم هي جهالة مدقعة عجزت عن التفريق بين الخطأ والصواب لا سيما في ليلنا العاري البهيج؟
وإذا ما سلمنا بفرضية (الخطأ والصواب) كسلوك بشري فطري وغلبنا فرضية الخطأ لأسباب شعورية وعاطفية. فهل يحق لنا في هذا العام الجديد أن نغلب جانب الصواب في سلوكياتنا من باب الإنصاف لطرفي السلوك (الخطأ والصواب).
أليست هذه قسمة عادلة أم أننا سنجنح إلى مسالك التيه في هوى الذات المهاجرة إلى دهاليز المتع الزائلة لنستفيق بمنبه (تلك إذا قسمة ضيزى) وكم هو حجم الألم والحسرة على فوات الفضل الكثير. ولكن هل تنفع كل حسرات الدنيا فيما ذهب؟
وهل للنجاة من وخزاتها الحارقة من سبيل؟
اترك لكم حرية الإجابة والاختيار ولكن استحضروا قانون الفصل (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره). قبل أي قول وعمل.