الترفيه في بلاد الحرمين؟!
بقلم / عبدالرحمن بن علي المسملي
ما بين تباين الآراء واختلاف وجهات النظر فيما تقدمه هيئة الترفيه وضمن جانب من جوانب الحاجات الفسيولوجية لمجتمع متعدد الرغبات ومختلف الطبقات ومتنوع الثقافات ومتفاوت الآمال والتطلعات، وكل فيما يجد اختياره ووقعت عليه رغبته، والتي يتطلب منا أن نحقق لها التعامل السليم والاحتواء الفعال..
وأما تلك النماذج المخلة بحدود الأدب لا تمثل القائمين على الترفيه ولا تعني أن نقسو على رغبة فئة وطبقة معينة بالمنع..وهم قد اختاروا وصوتوا وطلبوا نوعا من الترفيه يناسبهم.. ولحضورهم أكبر دليل.. فالتغيير يتطلب منا التعامل مع الأحداث بهدوء ودون إثارة للفوضي المدفوعة (مالا وحقدا)..
غدا ترفيهنا أجمل وبوعي وإدراك لمتطلبات الأجيال القادمة.. فالترفيه هنا مطلب مهم كحل لمواجهة موجة السفر والذهاب بعيدا نحو بلاد مجهولة تستنفد أموالهم وتتحول دعما لتلك الدول وربما تعكر فكرهم وعقولهم وهناك فعلا قد يقع المحذور والمحظور وقد وصلنا ما يؤسفنا..
وقد نعذر سلوكهم وخطأهم كونها خارج حدود الوطن؟! لأننا لم نسمع يوما بدعوة تغيير وغيرة، أم أن الحلال والحرام يتغير بالزمان والمكان؟!
فجيروا ذلك جرما وأعلنوه لأنه لا يتطلب سفرا ولا غيابا ولا حرية مطلقة وكأنه مسموح بممارسته خارجا والاغتسال والطهارة عندنا والاستغفار والتوبة؟ أم أن تلك المزاعم الخبيثة والمغرضة والأفواه المرتزقة لا تجرؤ على انتقاد ذلك في بلدانهم لأنها رافد سياحي واقتصادي لبلدانهم؟ وهو كذلك!
فلماذا لا نتحدث عن تلك الأعداد الهائلة والمزعجة التي تترحل ما بين بلدان العالم بحثا عن الترفيه والمتعة وقد أحسوا بأن مقدرات وإمكانيات وطنهم لاتعد رافد سياحة أو ترفيه، وقد أصبح خيارا مهما قادم لا محالة وكان جميلا أن نوفر تلك الأجواء هنا ويجب علينا أن نفهم ونتفهم أن المرحلة القادمة تتوجب التعامل مع التغيرات والتطورات المتسارعة ونحقق ما يطلبه المترفهين وبعض المترفين.. وكان ذلك تطورا ملموسا وذكيا من المسؤولين لتنوع مصادر الدخل في بلدنا (سياحيا) .. فنحن أحق وأولى بهم وبترفيهم وبأموالهم..
وإني لأرى ذلك الغد المشرق في أجواء الترفيه تنوعا وتميزا وأكثر حسا بالمسؤولية لدى أبنائنا من خلال توجيههم والوقوف على كل ما ينغص الأجواء من تصرفات بعض الأفراد الغير مدركة والمراهقة ولعل هول الصدمة من تغير أجواء الكبت والقهر كان له أثر في حصول بعض التجاوزات الغير مسؤولة..
فما أجمل ذلك السلوك النبوي العظيم عندما أرسى قاعدة مليئة بالتوجيه الجميل والتعامل الكريم والأفق الرحب الواسع والبعد التاريخي لأمة الإسلام والمسلمين ومراعيا الاختلاف بكل أبعاده وتنوعه وضرورة وجوده ((إن في ديننا فسحة... ))
ولمن يتعارض مع قولي!
هل تعلم عندما يسافر ابنك أو ابنتك أو أبناء مجتمعنا نحو تلك البلاد قاصدا لأجواء الترفيه والمتعة، كيف سفره ورفقته؟ وكيف قضى يومه؟ وتعايشه وتكيفه مع الأوضاع هناك وماذا حصل؟وكيف سيعود؟ دون وجود خلل أو وقوع في فخ لا تحمد عاقبته!
وهل تضمن له مثل هذه الأجواء التي يمارس فيها ترفيهه دون الوقوع في منكر أكبر أو التعرض لبعض الممارسات المشينة؟
إذاً مجرد ساعات أو أيام يقضيها بيننا في جو من المسؤولية والحرص والاهتمام والتي تكفل له حقه مباشرة عند التعرض لأي سبب يستدعي ذلك، ودون تردد أو استغلال أطراف معينة!
لو علم العقال منا مقدار الحماية التي تتحقق لبلدنا اقتصاديا ونفسيا واجتماعيا وفكريا.. لكان شبابنا أولى أن نحتويهم كما هم لا كما كان سابقا بالقهر والوصاية حتى أسفر ذلك عن حدوث تصرفات أسوأ وعواقب أوخم وويلات أخيب وأعظم..
ياليت قومي يعلمون بحجم الاستهداف الخطير لشبابنا من خلال بث سموم التمرد على القانون والأنظمة بحجة أننا بلاد الحرمين، وأنه غير مسموح لشبابنا وشاباتنا إن مارس تلك التقلبات العمرية فيهم فكريا واجتماعيا؟ وأنها مرحلة احتواء لا حرمان.. ويالشناعتهم عندما يسمحون أن تمارس في بلدانهم كل تنوعات الانحراف الأخلاقي والسلوكي والاجتماعي وظهورها على الملأ والعالم بأسوأ شكل ونمط وتصوير..
أليست بلاد المسلمين؟! وكلها ممارسات خاطئة يجب أن تواجه بنفس الأسلوب والطريقة والمنهج؟!
ويالفضاعتهم وتناقضهم عندما يتحدثون عن الحرمين أنها لكل المسلمين ويجب أن يشاركون في الوصاية والقيام بشأنها؟!
إذا الفكرة أوضح من شمس النهار.. إنما هو استهداف لبث روح الغوغائية والعشوائية والوصاية الأجنبية خارج حدودهم لنقلها هنا دون تفكير في مغبة ذلك وخطره على (بلاد الحرمين).
ولكن.. هيهات فهنا أصبح القانون متسيدا على كل آلآت التبعية الجامدة فكريا واجتماعيا وهو التحول التاريخي من بلد الوصاية إلى دولة النظام والقانون والحاكم الحازم العازم على التغيير والتطور الذي لن يوقفه شيء؟!
وقد أوقف وقطع ومنع كل صور الوصاية الخارجية والداخلية..
ومن لديه شيء يرى أنه يجب تغييره .. أيا كان، فالقانون جاهز لكل الأشكال والأنواع والممارسات.. وما تراه سبيلا في التغيير كما تنظره بزاويتك سيجد تصرفا وسلوكا وقرار باسم الأمن والحكومة لا الأشخاص الذين مارسوها وفق أخوائهم وأهوائهم وأخرونا كثيرا بنظرتهم القاصرة والعاجزة..
إنها معركة للتغيير والتنوير والتوضيح وحرية التعبير والدعوة للسلوك الديني القويم بالإقناع والحكمة وهي الأصل الذي افتقدناه والأساس الذي تزعزع بسبب التبعية المقيتة والأساليب المميتة للأفق الواسع الرحب الجميل في منهجنا الذي نستمده من الكتاب والسنة الصحيحة لا بكتب الأشخاص وسنة اللصوص الذين خطفوا الوسطية منهجها وسجنوا فكر الاحتواء الذي يخلد أسسنا وسياستنا دون استغلال أو تجييش أو تحريض..
وقد كانت بلادهم أولى بالتغيير والتحريض والتجييش وحتى يصلوا لمقامنا ومكانتنا واتباعنا الصحيح والقويم لأصول الدين حاكما ومحكوما.. عندها قد تقوم الساعة قبل بلوغ ذلك والله أعلم.. فهل هناك بلد مثلنا حكاما وشعبا ونظاما وقانونا ممتثلا محكتما لأمر الله ورسوله؟
فإن قلت غيرنا! فهي كذبة الحاقدين والمتربصين صدقها من يخون وطنه ومجتمعه وأمته و(الحرمين الشريفين)
حرارة القانون والنظام أزالت أقنعة التمرد والوصاية.. فمن أولى ببلدنا ووطننا منا نحن السعوديين؟!
.. إياكم وأن يلتف من حولنا من يرمي الغنائم المزيفة والواهمة لنؤتى من حيث لانعلم.. فالأمر ليس ترفيها ومخالفات ومعاصي وانخلاس هوية ومبادئ!(كما يصور لنا) إنها الحالقة والحلقة التي ستحاصرنا ونحن بالله أملا وتمسكا وإن وقع الخطأ بحجمه الضئيل فالخطأ دائم غير منقطع فهي الديمومة والطبيعة في جنس البشر ..
فمن تمعن في قولي شكلا ومضمونا وجوهرا وتولدت لديه فكرة عني أو المسؤولين بالاقتناع أو الرضا عن بعض التجاوزات، وقد تبين للكثير أنها مجرد فبركة مسمومة وأكثرها مقاطع في بلدان أخرى، فقد أثرت عليه تلك الفكرة الصحوية المغلوطة ولازال رهن الادعاءات والأكاذيب الملتوية والملفوفة ولو كان حديثا مكذوبا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. للأسف.
ولعل الأهم (عند رؤوسهم الخاوية) والتي استمدوا منها خوارهم أن يصلوا لغرس فكرة المجتمع المنخلس والمتمرد على دينه وإرثه الأخلاقي وهي أبلغ لغة يرون أنها تثير وتستثير رحلة التغيير حتى يحفظ الله بهم الدين؟! .. كالكثير من الفرق المتطرفة والمتهالكة التي دعت لذلك فهوت في مزبلة التاريخ..
إنهم يمارسون بتلك الأنفاس الأخيرة المتقطعة والأفكار المترنحة إثر الضربة القاضية التي وقعوا بها أرضا وتنتهي مرحلة وحقبة كانت قد أخرت تنميةً وتطوراً وأخلفت فكراً متلوناً وخلفت تشاكسا مأسوفا بين أوساط مجتمعنا السعودي الأصيل وأحدثت نمطا شكليا سطحيا يميز به المطوع من الفاسق وقد استغل وظلم منه الكثيرين..
إنها مرحلة مشرقة ستصنع من أجيالنا شبابا قويا متمسكا بثوابته وأصوله وسمعه وطاعته و*((كل نفس بما كسبت رهينة)) *وإن أخطأ بعضهم فهي السوءة التي قد تتعدل وتتغير مع مرور الزمن جراء تأثير الاحتواء والصبر عليهم وتعرفهم على الاتزان القديم المفقود ودون تجاوز الحدود الأخلاقية أو التعدي عليها وأن هناك قوة للنظام والقانون والسلطان الذي يغير الله به ما لايغير بالقرآن دون الحاجة لأشخاص أو أفراد خلوا وقد نهجوا منهجية المزاج المتقلب والمتأثر *((لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم))* ولن يكونوا أدوات مصنوعة ومفخخة للانفجار في وجه النماء والتطور والانتماء ولن يكونوا إلا أسهما وطنية مخلصة واثقة تُغرس في نحور الأعداء متمسكة بمبادئها الدينية الوسطية والمتحررة من فكرة الجماعة أو الحزب أو التيار.. فالمشاهد من حولنا كفيلة بالعظة والاعتبار.
فماذا قدم الغيورون على بلاد الحرمين (كما يزعمون) جراء تلك السلوكيات والتصرفات والاعتداءات الجبانة واللا مسؤولة تجاه قبلتهم؟!
ولماذا نظروا لتصرفات فردية محدودة لموسم محدود بزمن وبه برامج متعددة وكثيرة ومناسبة لكل الفئات وتجمع الأطياف وله مردود متنوع ومفيد وداعم في شتى المجالات ..
فلماذا تغافلوا وتركوا كل صور التدين المعتدل من امتلاء الحرمين الشريفين بالمصلين من كافة الأصناف والأجناس والألوان وصلوات خمس في كل أرجاء الوطن وشعائر دينية باهية ونظرة ومواسم حج وعمرة يشاركها ويشترك بها الملايين ونماذج العلماء الربانيين المخلصين المعتدلين، وللمراكز المتقدمة في قمم العلم والتعليم والبحوث والدراسات والإنجازات العالمية و التطوع وصور التلاحم والتماسك والتعاون الديني والأخلاقي ومُثل قويمة مقتدرة في تحقيق رؤية عظيمة ولجمال منصة (إحسان) ومساهمات (فرجت) وتنظيم (توكلنا) ومبادرات ملأت الوطن واتجهت لشتى أصقاع الأرض وتكاتف إسلامي حميم في برنامج الملك سلمان للإغاثة ولماذا لا يشمون رائحة (مسك) وكل الصور المشرفة والمشرقة في تاريخ الأمة وبلاد الحرمين..
هل هو عمى الضلال؟! أم رمد التضليل؟ نعم.. عيون الذباب لا عيون النحل.؟!
كل هذا التطور والنماء والقوة الاقتصادية العالمية المتينة والانفتاح على كل العالم وفق رغباتنا وكما نريد! وذلك التنافس المحموم على الاستثمار لدينا من كبرى شركات العالم وذلك الصندوق السيادي الاستثماري وتوجهه نحو العالم ليلتهم ويقتنص الفرص الاقتصادية وما نراه من دعم ومبادرات عالمية سياسية واقتصادية ودينية وما نجده من تغيرات جذرية في البينة التحتية وإنجازات تاريخية في القضاء على صور الفساد (كائنا من كان) ومشاهدة تلك الملامح المتغيرة في نسيج مجتمعنا الاجتماعي والديني والأخلاقي وظهور القوة العسكرية الفدائية لتراب هذا الوطن والكثير من القرارت التاريخية التي أتعبنا بها الزمن..نعم ويبقى السؤال المحير لماذا تغافلوا عن الجانب الوضاء؟ والذي يعكس فعليا حقيقتنا وهويتنا ومستقبلنا.. إنه السبب الحقيقي المزعج لكل من يريد النيل منا ويريد تحديد مصيرنا والتأثير بمن يرغبون بالسير عكس الاتجاه؟!
والحقيقة باختصار:
هذا النماء والتطور والتسارع نحو تحقيق قوة دينية وسياسية واقتصادية وتنموية، قد آلمهم وأَحر جفونهم وضج مضاجعهم وأوقف أحلامهم وأيقظ غيرتهم وحسدهم وحرض مكرهم وادعائهم وقست عليهم أنفسهم من هول تخلفهم، فأطلقوا الغول المختبئ خلف الأقنعة المزيفة، وإن حسدنا صلاتنا لصلاتهم فهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية..
تداعوا كالأَكلة وادعوا علينا، فهم يريدون استغلال فأرهم للإضرار بجبل طويق الشامخ العزيز بالله وبرسوله وبولاة أمره وشعبه السائر نحو التعديل الجديد في مسار أبعد من النجم البعيد وسابحا في فُلك وفَلك الله ولايضره كيدٌ مقصور مكسور أو نبح مسعور مأجور..
لنا وطن مشرق في صفحات التاريخ فلنحترق من أجله ونحرق كل من تَسوّل وسولت له نفسه.. فما الوطن إلا لنا وبنا ونحن هنا.. همة حتى القمة.